نسخة تجريبية

منصات : الكشف عن نتائج دراسة حول الحريات الفردية بالمغرب


بحضور فعاليات سياسية، حقوقية، أكاديمية وإعلامية، نظمت مؤسسة منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية الندوة الختامية للنسخة الأولى من برنامج جيل للشباب الريادي الباحث. وهو برنامج، أطلقته المؤسسة السنة المنصرمة يهدف لتأهيل واستكمال تكوين عدد من الباحثين الشباب في مجال العلوم الإنسانية من أجل تعزيز قدراتهم البحثية بتأطير مجموعة من الأساتذة والمتخصصين في كل من العلوم الإجتماعية، والسياسية والاقتصادية.

 

وكشف عزيز مشواط مدير المؤسسة خلال هذه الندوة الختامية عن نتائج دراسة "الحريات الفردية بالمغرب : تمثلات وممارسات" وهي الفعالية التي التي احتضنها فندق "إيبيس" بالمحمدية يوم15 نونبر 2021. وكانت المؤسسة قد أجرت دراسة كمية ما بين ماي ويونيو الماضيين، وهمت الدراسة عينة تمثيلية شارك فيها 1312 مبحوثا موزعين على جميع جهات المملكة بشكل تمثيلي، وهي عينة متوزانة أيضا ما بين الذكور والإناث.

 

وتناولت الدراسة واقع الحريات الفردية بالمغرب حيث ضمت ثلاثة محاور رئيسية: تمثل الجسد ومدى الاتفاق مع تملكه الفردي وحرية التصرف وفق الإرادة الفردية سواء بالمطلق أو من خلال الممارسات اليومية المرتبطة باللباس، وارتداء الحجاب. أما المحور الثاني فيمس طبيعة العلاقة بالدين وبحرية المعتقد وإلى أي درجة يمكن قبول الاختلاف الديني سواء في العلاقة مع الآخر القريب أم البعيد. فيما خصص المحور الثالث للجنسانية سواء من حيث تمثل العينة لها أو من خلال الموقف من ممارسات الآخرين. وتتضمن الاستمارة أيضا أسئلة مباشرة تهم عددا من بنود القوانين موضوع النقاش حول الحريات الفردية من قبل بنود القانون الجنائي 490، 222، 220. وأفادت نتائج الدراسة أن 76.3% من المبحوثين، أن العلاقات الما- قبل زواجية أصبحت منتشرة في المجتمع المغربي. وصررح 60% منهم بمعرفة شخصية بفتى أو فتاة، له أو لها، ممارسات جنسية من هذا النمط.

 

وبخصوص العلاقات الجنسية ما قبل الزواجية كشفت الدراسة أن حوالي 50% من أفراد العينة، اعتبروا القيام بعلاقات جنسية قبل الزواج لدى الفتيان كما الفتيات مسألة حرية شخصية. في حين توزعت باقي النسب على نعت تلك العلاقات بالفساد الأخلاقي، الابتعاد عن التعاليم الدينية، و سوء التربية. وأكدت نتائج البحث الميداني حول تمثل الجسد تصورات متباينة، إذ يتمثله حوالي ثلث مجتمع البحث (32.9 %) جزءا منهم، وهو رقم يتجاوزه أكثر من نصف العينة المشاركة في البحث بقناعة أن الجسد هو كل شيء( 52.6  %)، في حين طابق ما نسبته (8.8 %) من مجتمع البحث بينه وبين مفهوم الهوية. أما البقية فتوزعت آراؤهم بين النظر للجسد كوسيلة عمل (2% )، أو أداة للتعبير(2.1% )، وهي آراء تختزل نظرة طبيعية أولية حول قدرات جسم الإنسان ومظهره. واشتملت استمارة البحث  على سؤال حول مدى الموافقة على تمثل الجسد كشيء خاص جدا ينبغي التصرف فيه بحرية و بدون أية قيود.

 

وكانت إجابات المبحوثين بنسبة 78.2% متفقة بشكل مطلق و نسبي على هذه المسألة. وهي نسبة إحصائية لها منحى إيجابي إذا ما قورنت بنسبة 24.5% التي تحيل على عدم الاتفاق النسبي والمطلق. وعند ربط هذه المسألة بالمتغيرات السوسيولوجية الخمس المعتمدة في هذه الورقة، و هي الجنس، السن، المستوى التعليمي، مستوى الدخل، مكان الإقامة، نلحظ أن نسب الاتفاق النسبي و المطلق، كما نسب عدم الاتفاق النسبي و المطلق لم تنحرف كثيرا عن النسب العامة للعينة ككل. وهذا يعني أن الوعي بضرورة حرية الجسد يخترق مجمل الفئات الاجتماعية الممثلة في العينة بمعدل يفوق 50%.

 

 لكن، هل تتغير التمثلات و المواقف عند المرور من طرح المسألة، مسألة الجسد و حريته، بشكل فيه عمومية، إلى طرحه بشكل يحيل مباشرة على ظواهر من الواقع المعيش؟ بهذا الصدد، ركزت أسئلة الاستمارة على قضايا محددة، تمس بالخصوص الجسد الأنثوي في الفضاء العام، بهدف الكشف عن التمثلات و المواقف " الحقيقية" من مسألة حرية الجسد. لذلك كان التساؤل حول الموقف من إبراز زينة الجسد النسائي في الشارع. حيث اعتبر حوالي 50% من أفراد العينة المسألة حرية شخصية.


وحتى بعد إدخال المتغيرات السوسيولوجية الخمسة المعتمدة هنا، فإن النسبة لم تتغير بشكل جوهري. مما يعني غلبة نسبية للمواقف الإيجابية من هذه المسألة في مجتمع غالبا ما يوصف بالمحافظة و التدين و التقليدانية. غير أن هذا المنحى الإيجابي لأغلبية المواقف، ينبغي أن نأخذه بحذر شديد، حيث يمكن  أن تكون بعض من تلك المواقف تعبر عن نوع من " اللاهتمام le je m’enfoutisme"  أكثر منها تعبير عن اقتناع إيجابي بمسألة حرية الجسد الأنثوي في الفضاء العام. نستدل على ذلك بكون المؤشرات الواردة في الاستمارة، التي تؤشر بشكل واضح لا لبس فيه عن المواقف الإيجابية حازت على نسب متدنية. فاعتبار هؤلاء النسوة متحررات الجسد في الشارع، متعلمات و متفتحات و متنورات، لم تتجاوز في مجموع النسب 15.8% عند الذكور و 10.3% عند الإناث. و الملفت للنظر انخفاض النسبة لدى الإناث أنفسهن مقارنة بالذكور. في حين، تم اعتبار هؤلاء النسوة متحررات الجسد في الشارع، أنهن غير محترمات، منحرفات، رخيصات وسيئات التربية عند 31.3 % من أفراد العينة. بل إن 0.6% منهم اعتبرنهن " كافرات".

لتحميل التقرير كاملا اضغط هنا