في إطار انفتاحها على مختلف أطياف المجتمع، عبر
المواكبة العلمية والبحثية لمجهودات منظمات المجتمع المدني ومختلف الفعاليات
السياسية والاجتماعية، في الترافع من أجل مجتمع عقلاني وسليم، شاركت مؤسسة منصات
في شخص مديرها الدكتور عزيز مشواط في الندوة التي جرت أطوارها يوم أمس حول: "
أي وضع لحقوق النساء في ظل تراجع مؤشرات التنمية؟" وأشرفت على عقد هذا اللقاء
منظمة النساء الاتحاديات، بفندق إيدو أنفا بمدينة الدارالبيضاء.
قدم الأستاذ عزيز مشواط
مداخلة علمية، تناول من خلالها بعض النتائج والدروس المستقاة من البحث الميداني
الذي أشرفت عليه مؤسسة منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية، والذي تم إنجازه في
إطار برنامج جيل، وقد تمحورت هذه الدراسة حول: "المرأة، الفضاء العام،
الحريات الفردية." في هذا السياق فقد تحدث الأستاذ عزيز مشواط عن التحولات
التي عرفها المغرب على مستوى ولوج النساء لسوق الشغل، إضافة إلى ارتفاع نسب التمدرس
لدى الفتيات، وهذا ساهم في الحضور المتزايد للمرأة داخل الفضاء العام.
في هذا الصدد قدم
المتدخل بعض النتائج الأولية حول الدراسة، بحيث أشار إلى أن المرأة أصبحت تستهلك
الفضاء العمومي أكثر من الرجل، لكن على مستوى تقبل ولوج المرأة للأماكن العمومية
تتحكم فيه معيارية اجتماعية تتسامح نسبيا مع ولوج المرأة لفضاءات كالمقاهي
والملاعب وترفض الولوج لفضاءات أخرى كالملاهي الليلية...، وهذا يكرس النظرة
المعيارية للمستجوبين.
في نفس الاتجاه، فقد
توصل المركز من خلال هذا البحث إلى أن أكثر الجهات تحفظا هي جهة درعة تافيلالت،
وأقل الجهات تحفظا حول ولوج المرأة للفضاء العام هي جهة ابن ملال خنيفرة، إضافة
إلى ارتفاع القبول اتجاه ولوج المرأة للفضاء العام لدى العزاب والمطلقين مقارنة
بالمتزوجين، كما أن الأفراد الذين لهم تعليم عالي يكونون أكثر تأييدا لوجود المرأة
في الفضاءات العامة.
انطلاقا من هذه
المعطيات، فقد دعا الأستاذ الباحث عزيز إلى ضرورة فتح الفضاء العام أمام الجميع،
وأن يكون الولوج إليه بدون أية معوقات، وأن يكون أيضا آمنا من أجل مجتمع سليم، وقد
أكد المتدخل على أن الخلاصات الأولية لهذا البحث تؤشر على أن المواقف من حضور
النساء في الفضاء العام تنحو نحو الإيجابية والقبول في الفضاءات المقبولة ثقافيا،
وتتجه نحو التراجع في الفضاءات التي ينظر لها بأنها: "الزنقة".
من جهة أخرى عرف اللقاء مشاركة مجموعة من
الفاعلين والمتدخلين في الموضوع، كل من البرلمانية السابقة والكاتبة
الوطنية لمنظمات النساء الاتحاديات حنان رحاب والتي سيرت فعاليات هذه الندوة، إضافة
إلى الأستاذة خديجة الرباح المنسقة الوطنية لحركة من أجل ديموقراطية المناصفة، وكذلك
الأستاذ محمد طارق والمتخصص في السياسات العمومية.
في معرض مداخلتها قدمت
الأستاذة خديجة الرباح مداخلة تمحورت حول وضعية النساء في الوقت الراهن، بناء على تقرير الأمم المتحدة
السنوي لعام 2021 – 2022 بخصوص المساواة بين الجنسين التي تعتبرها الأمم المتحدة
حق أساسي من حقوق الإنسان، بحيث أكدت المتدخلة على تراجع مكانة المرأة على المستوى
العالمي، وقد انعكس هذا التراجع على وضعية النساء على المستوى الوطني، فقد أشارت
خديجة الرباح إلى أن 8 في المئة من نساء العالم الثالث هن تحت عتبة الفقر المدقع، كما
أن ربع النساء في العالم تعشن غياب الأمن الغذائي، ورغم التقدم الملحوظ على مدى
العقود الماضية على هذا الصعيد في ظل الجهود المبذولة من قبل المنظمات العالمية
لدعم الحقوق الأساسية للمرأة، عاد ليشهد تدهورا ملحوظا في السنوات الثلاثة الماضية
بسبب عوامل عديدة منها: جائحة كورونا وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية،
والتغيرات المناخية القصوى واندلاع الحروب في مناطق متعددة من العالم أدّت إلى
انهيار الكثير من الاقتصادات ونزوح آلاف السكان وتبدّل الأنظمة الاجتماعية والعودة
إلى التشدّد والتطرف والعنف والتمييز ضد النساء وحرمانهن من حقوقهن الأساسية.
في نفس الاتجاه تحدث
الأستاذ محمد طارق عن واقع النساء، خصوصا على مستوى فعلية القوانين، إضافة إلى
الاختيارات المجتمعية للأفراد داخل المجتمع، واعتبر أن التوجه نحو حلول لهذه
المعضلات التي تمس حقوق المرأة هي مسؤولية مشتركة للجميع، سواء مؤسسات حكومية أو
منظمات المجتمع المدني.
في هذا الصدد قدم
مجموعة من الأرقام والنتائج حول وضع المرأة في المغرب، حيث أشار إلى أن نصف النساء
المغربيات يتعرضن للعنف، ويرتفع هذا المؤشر إلى 70 في المئة لدى الفتيات والنساء
المغربيات ما بين سن 15 و19 سنة، كما أن أكثر من 1،5 مليون امرأة تعرضن لعنف
إليكتروني. من جهة أخرى فيما يتعلق بريادة الأعمال نجد أن نسبة النساء اللواتي
يملكن حسابا بنكيا لا يتجاوز 29 في المئة.
في سياق آخر تحدث
الأستاذ محمد طارق عن الوضعية الاقتصادية للنساء، بحيث أنه من بين النساء اللواتي
ينخرطن في الأنشطة الاقتصادية، هناك أكثر من 90 في المئة يمارسن أنشطة اقتصادية
غير مهيكلة، بالتالي هذا يعني أن المعركة من أجل المناصفة والمساواة هي معركة
طويلة، ولابد من العمل الجدي من أجل تعبئة وطنية لتصحيح وضعية المرأة في المغرب.
والجدير بالذكر أن مشاركة منصات في هذا اللقاء
تأتي على ضوء إسهاماتها العلمية في قضايا تهم النساء وحقوقهن. في هذا الصدد كانت
المؤسسة قد أجرت بحثا ميدانيا برسم موسم 2023/2024 والذي شمل عينة
تمثيلية من 1528 مغربيا ومغربية. وكان الهدف من هذا البحث رصد
تمثلات المغاربة حول حقوق ووضعية النساء في الفضاء العام، والذي ستصدر نتائجه
النهائية قريبا.