
بشراكة مع جمعية
مبادرات لحماية حقوق النساء، والمعهد متعدد التخصصات للعلوم الاجتماعية، استضاف
مركز البطحاء المتعدد الاختصاصات لتمكين النساء بمدينة فاس اللقاء التفاعلي الخامس
لمنتدى: » المجتمع المدني العلمي:
الهوية، التنظيم والآفاق «،
ويأتي تنظيم هذا اللقاء في إطار جهود مستمرة لتعزيز التكامل البحثي وتبادل
الخبرات، بين مراكز البحث الأكاديمي والجمعيات المدنية بهدف مواجهة التحديات التي
تعترض هذه المؤسسات والعمل على تطويرها. وجرت أشغال هذه الفعالية بمدينة فاس يوم
الجمعة 21 مارس 2025.
شهدت الجلسة الأولى من هذا المنتدى حضور
ومشاركة كل من عزيز مشواط، مدير مؤسسة منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية، وسعد
الدين إكمان، العضو المؤسس للمعهد متعدد التخصصات للعلوم الاجتماعية، إضافة إلى
منير الغزوي رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كما شارك في
اللقاء المصطفى أعوين رئيس مركز الدراسات والأبحاث الثقافية والاجتماعية
والاقتصادية والاستراتيجية، إضافة إلى توفيق المعقول رئيس مركز الوسيط الدولي
للدراسات الاستراتيجية. وأدارت أشغال هذه الجلسة فاطمة الزهراء عاكف، مديرة
المشاريع بمنصات.
من جهة أخرى تميز الجلسة الثانية ضمن
أشغال هذا المنتدى بمشاركة محمد امجهد رئيس المرصد الجهوي للحق في المعلومة، وأمين
بهى مدير مركز البطحاء المتعدد الاختصاصات لتمكين النساء، إضافة إلى حضور سعاد التيالي
رئيسة جمعية مركز سايس لحماية الأسرة والطفولة. وأدارت هذه الجلسة فاطمة إيكا
مسؤولة المشاريع بمؤسسة منصات.
عزيز مشواط: تجاوز تحديات مراكز البحث
رهين بدعم قانوني واستراتيجي.
كشف عزيز مشواط، أستاذ علم الاجتماع ورئيس مؤسسة منصات، عن أهمية
مراكز البحث في المغرب كمؤسسات مستقلة عن الأسوار الجامعية. وأشار إلى الأدوار
التكاملية بين المراكز البحثية والمجتمع المدني، حيث أطلقت مؤسسة منصات في هذا
السياق بحثا حول المراكز البحثية ونشأتها واليات وكيفيات اشتغالها والتحديات
والمعوقات التي تحيط بها. إحصائيا، في هذا الصدد أشار مشواط إلى توفر المغرب على
40 مركزا خارج الجامعة، و154 مركزا ومختبرا تابعا للجامعات، إضافة إلى ما يقارب 12
مركزا تابعا للمؤسسات العمومية.
وأبرز عزيز مشواط أن من مهام ووظائف المراكز البحثية إنتاج المعرفة،
إضافة إلى إنتاج الخبرة والمساهمة في المرافعة. بالموازاة مع هذه الأدوار تقوم هذه
المراكز بوظائف تتداخل مع وظائف المجتمع المدني ومكاتب الدراسات. وقد توصل هذا
البحث إلى وجود عدة إشكالات تواجه هذه المراكز بحيث تم رصد ضعف كمي كبير، إذ إن 90
في المائة منها تواجه مشكلة الاستمرارية، والتمويل، مع غياب إطار قانوني خاص وهو
الأمر الذي جعلها حبيسة البحث في سبل البقاء على الحياة.
واقترح عزيز مشواط أفكارا للتداول بغية تطوير هذه البنيات منها:
التكتل، المرافعة من أجل إطار تشريعي خاص، مع ضرورة العمل على خلق الحوافز لهذه
البنيات من خلال بناء استراتيجية ناعمة لتسويق المراكز، وإنشاء منصة وطنية خاصة في
هذا الإطار، ومن جهة أخرى تكثيف العمل المشترك مع النسيج الجمعوي باعتباره شريكا
استراتيجيا للمراكز البحثية.
سعد الدين إكمان: المراكز البحثية والحاجة
للتكامل والتعاون
من خلال تجربته في إدارة المركز المتعدد التخصصات في العلوم
الاجتماعية، أكد سعد الدين إكمان على أن فكرة إنشاء المركز بصيغته الجمعوية كان
بفضل "المرونة" التي يتيحها هذا الإطار القانوني لتشكيل جماعة علمية
متعددة التخصصات خارج مختبرات البحث الجامعية، هذا بالإضافة إلى الحرية البحثية خارج
الضوابط الاكاديمية، والحرية في الأنشطة والمشاريع. كما اعتبر أن قانون الجمعيات
هو الكفيل للأساتذة الباحثين في الجامعات باستكمال اختياراتهم المعرفية وطموحاتهم
الاجتماعية.
أما فيما يخص الأدوار والمهام الأساسية، فيشير إكمان إلى ضرورة المساهمة
في تقييم السياسات العمومية، وإنجاز الدراسات والتقارير، وإشراك الطلبة الباحثين
في المشاريع والابحاث التي تجريها المراكز. وفي سياق آخر يرى سعد الدين إكمان أن
مستقبل المراكز البحثية رهين بضرورة التكامل بين هذه المراكز من أجل تقويتها
وتطويرها، بالموازاة مع الانفتاح على التعاون الدولي بما في ذلك المجال الافريقي.
منير الغزوي: اقتصاد اجتماعي مستدام
رهين بقوة المراكز البحثية
من جانبه أشار منير الغزوي إلى أن الهدف من الشبكة المغربية للاقتصاد
الاجتماعي والتضامني هو المرافعة من أجل اقتصاد اجتماعي وتضامني له نفس فرص القطاع
العام والخاص، كما تعمل الشبكة على أن يكون هذا القطاع مساهما فعليا في الاقتصاد
الوطني من خلال تجميع المعطيات وتحيينها بخصوص القطاع، ومواكبة المؤسسات والأفراد داخل
هذه البنيات.
في هذا المستوى حسب الغزوي تأتي أهمية المراكز البحثية للتعاون
والتشارك في هذه المهام من أجل خلق اقتصاد اجتماعي وتضامني فعال ومستدام. مشيرا
إلى أهمية التفكير في تنمية شاملة واستراتيجية تتجاوز سياسة الاسعاف والترقيع نحو
الاجابة على مشكل آني من خلال المقاربة الشمولية لهذه الوضعية.
في هذا الصدد أشار الغزوي إلى ضرورة التفكير في صندوق للبحث العلمي
خاص بالمراكز، إضافة إلى مختبر وطني للاقتصاد الاجتماعي والتضامني يتكون من
المراكز البحثية ومختلف الفاعلين الميدانيين، وبقية القطاعات الحكومية المعنية. مع
العمل على تعزيز التعاون الدولي من أجل تطوير نموذج عمل هذه المراكز ونشر ثقافة
دعم البحث العلمي لدى المسؤولين الترابيين.
المصطفى أعوين: مراجعة السياسات
القانونية والتمويلية ضرورة لتفعيل دور المراكز البحثية
في مداخلته أشار المصطفى أعوين إلى أن الدستور المغربي يؤسس لفضاء يساهم
في تطوير منظومة البحث والتكوين بالمغرب. غير أن إشكالية التمويل تشكل عائقا أمام
هذه المراكز وأدوارها في تعزيز البحث العلمي وتحقيق التنمية الشاملة، من هذا
الإطار يدعو أعوين إلى تعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص، ومراجعة سياسات
البحث العلمي وأثرها. مع إعادة النظر في المنظومة القانونية لمؤسسات البحث
المغربية، لكون العمل بقانون الجمعيات غير مناسب لنموذج عمل المراكز في سياقها
الحالي.
توفيق المعقول: التغيير القانوني والتشبيك تعزيز للبحث العلمي
تناول توفيق
المعقول في مداخلته أدوار ومهام المؤسسات البحثية، والتي تتجلى في تعزيز قيمة
البحث العلمي كضرورة استراتيجية لتطوير السياسات العمومية، كما أكد على أن مراكز
البحث ليست مجالا للتطوع، وهو الامر الذي يستوجب حسبه الحسم فيه عبر التفكير في إطار قانوني خاص، كما
أكد في سياق آخر على ضرورة الاستمرار في عملية التشبيك بين المراكز. ودعا المعقول إلى تبادل التجارب الناجحة من خلال تحديد النقاط
والعناصر الأساسية التي يجب أن يقوم عليها هذا التبادل، مع توسيع دائرة التجارب
لتشمل المراكز البحثية وتبادل الممارسات في شكل أدلة وتقارير.
تجارب جمعوية
رائدة
وفي إطار تبادل
التجارب، قدم أمين بهى عن مركز البطحاء المجهودات التي يقوم بها المركز لمتابعة
وتمكين النساء المعنفات بمدينة فاس، موضحا أن الهدف الرئيس للمركز حماية هذه الفئة
داخل المجتمع، وذلك من خلال التوجيه القانوني والمتابعة النفسية للنساء ضحايا
العنف، إضافة إلى المساعدة الاجتماعية والمتابعة الاقتصادية لهذه الفئة داخل
المجتمع.
من جهتها أشارت
سعاد التيالي إلى العمل المكثف على مستوى جمعية سايس لحماية الأسرة والطفولة، من
خلال شق ترافعي يعمل على الاستشارة القانونية للنساء ومواكبتهن على مستوى الولوج
إلى العدالة، ومن جهة اخرى تقوم الجمعية بإنجاز مشاريع مع جهات داعمة مختلفة محلية
ودولية، من أجل التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء في المجال الحضري والقروي.
في سياق آخر كشف
محمد امجهد على دور اتحاد جمعيات فاس المدينة في تحسين موارد الأسر، مع العمل في
نفس الوقت على التمكين التراثي والحضاري للمدينة القديمة لفاس، وذلك بهدف توطين
الساكنة داخل المدينة، وحمايتهم اقتصاديا واجتماعيا. في اتجاه آخر يرى امجهد ضرورة
تغيير القانون أولا، حتى تكون هناك مساحة أكبر للتلاقح الإيجابي بين البحث العلمي
والعمل المدني.
شهد اللقاء
مشاركة عدد من الفعاليات المدنية من فاس التي عرضت تجاربها في العمل الميداني
وأنشطتها المتنوعة في المدينة والمنطقة. وساهمت هذه المداخلات في تعزيز أرضية
العمل المشترك بين المراكز البحثية والمؤسسات الجمعوية في المستقبل القريب. كما
أكد المشاركون على العلاقة التفاعلية بين المراكز البحثية، كمجال للخبرة النظرية،
والمجتمع المدني، كمجال تطبيقي. ودعوا إلى ضرورة ضمان المشاركة الفاعلة للشباب،
خاصة في ظل التحديات التي يفرضها النظام الاجتماعي، مما يستدعي إدماج قضايا الشباب
في السياسات العمومية المحلية.