
أنهى المشاركون في الدورة الثانية من برنامج جيل الدورة التكوينية التي انعقدت بالمحمدية والتي همت موضوع الشباب والفضاء العام وقضايا الحريات الفردية في المغرب. وتأتي هذه الدورة استكمالا للدورة الأولى التي انعقدت في نونبر الماضي تحت عنوان:" الشباب والحريات الفردية في المغرب أي مقاربات سوسيولوجية".
وعرفت الدورة الأخيرة، مشاركة أكثر من عشرين باحثا من مختلف المستويات
وبتأطير من مجموعة من أساتذة علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والعلوم السياسية. وهدفت
الدورة إلى تعزيز معارف الشباب المشاركين ومهاراتهم المعرفية والمنهجية للتعامل على
النحو الأمثل مع الأسئلة المتعلقة بالحريات الفردية، وتمكينهم من مباشرة عملهم الميداني
مع تمكينهم من كيفية الاشتغال العلمي على الحريات الفردية في المغرب، من حيث الأدوات
والتوقعات والحدود ووجهات النظر.
وعرض عدد من الطلبة الباحثين في مجال السوسيولوجيا، في اليوم الأول للدورة
التكوينية، خلال الورشة العلمية الأولى، مشاريع نماذج لأبحاثهم، تعكس رؤيتهم كباحثين،
عن كيفية الاشتغال والتفكير في موضوع، “الشباب والفضاء العمومي وقضايا الحريات الفردية
بالمغرب”، وكيفية الاستعانة بأدوات العلوم الإنسانية والسوسيولوجيا، وأيضا الاستعانة
بالأسس النظرية لعلم الاجتماع، والإجابة عن الإشكاليات التي تهم القضايا الاجتماعية
المغربية.
وفي سياق نفس الورشة، قال جمال خليل، استاذ السوسيولوجيا، بجامعة الحسن
الثاني، الدار البيضاء، الذي أشرف على تأطير الباحثين، من خلال الاشتغال والتفكير
في موضوع، “الحريات الفردية، أي آفاق للبحث في السياق المغربي”، أن أسئلة الحريات الفردية مركبة ومعقدة، وتحتاج إلى تفكير عميق في إطار براديغم عام هو الحرية ذاتها، كما دعا إلى ضرورة إحداث القطيعة المعرفية مع المقاربات التي تجتر أدبيات الماضي لتجاوز ما سماه بمرحلة المراهقة المعرفية.
وأبرزت تورية حسام، أستاذة السوسيولوجيا بالمعهد الوطني للعمل الاجتماعي بطنجة،
في الورشة العلمية الثانية، حول موضوع "الحريات الفردية أي ادوات، لأي بحث"، أهمية
الاستبيانات بالنسبة للطالب الباحث، وأهميته بالنسبة لعلم الاجتماع وفي البحوث الميدانية.
ومن جهته، تعرض محسن محمد الرحوتي، الباحث الرئيسي بمنصات إلى أن الأساسي في الحريات
الفدية وهي أن لا حرية للفرد بغير حرية الجماعة، معتبرا أن "حريتي تبدأ عندما
تبدأ حريتك". كما استعرض مسار التطور الذي رافق الحداثة من الفرد، إلى الفاعل
ثم الذات الفاعلة. أما الأنتروبولوجي عبد الباقي بلفقيه، فقد استعرض مداخل قراءات الحريات
الفردية بالمغرب من خلال التطورات الحاصلة في الفن، السينما مشيرا إلى أن العيديد من
الذوات الفاعلة قد أدت ثمنا غاليا من جسدها مقابل دفاعها عن حريتها وحرية الفاعل في
الابتكار والإبداع.
وحول ما حققته الدورة من نتائج قال عزيز مشواط ، مدير مؤسسات منصات، في
ختام الدورة التكوينية أن قضية الحريات الفردية في المغرب تثير جدلا متصاعدا وتتواتر
منذ الاستقلال، إذ سجلت لحظات حاسمة في هذا الجدل، منها التي همت الخطة الوطنية لإدماج
المرأة وقضايا الإجهاض والعلاقات الرضائية وغيرها. كما ينضاف إلى ذلك، مذكرة المجلس
الوطني لحقوق الإنسان الصادرة سنة 2019، المقدمة إلى البرلمان ضمن مقترحات تعديل القانون
الجنائي، والتي آخر هذه اللحظات المثيرة للجدل. وتبعا لذلك، هدفت منصات إلى المساهمة
في مأسسة النقاش العمومي اعتماد على معطيات ميدانية ناتجة عن بحوث سوسيولوجية وبصرامة
منهجية من أجل المساهمة في النقاش العمومي، انطلاقا من أرضية علمية وبناء على خطاب
بارد ومبني منهجيا، يضيف مشواط.
وتشكل المقاربة السوسيولوجية ضمن هذا الجدل، حسب مشواط، إحدى المقاربات
التي يمكن أن تشكل مستندا للنقاش العلمي الهادئ من خلال قدرتها على تقديم مداخل قراءة
لهذا النقاش، وذلك عبر محاولة قياس تمثلات الشباب للحريات الفردية داخل الفضاء العام.يذكر أن برنامج “جيل” للشباب الباحث الريادي الذي أطلقته منصات للأبحاث
والدراسات الاجتماعية، يهدف إلى تأهيل واستكمال تكوين عدد من الباحثين الشباب في مجال
العلوم الإنسانية من أجل تعزيز قدراتهم البحثية المتعلقة بتقنيات البحث النظري والميداني
وتحليل المعطيات الأمبريقية في احترام تام للمقاربات العلمية وتقديمها للرأي العام
وصناع القرار بما يخدم إيجابا القضايا المجتمعية الكبرى من عقلنة، وتنمية، وديمقراطية
وحرية.