احتضن مقر مؤسسة منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية مساء يوم الجمعة 26 أبريل 2024، لقاء مناقشة ورقة السياسات التي أعدتها الأستاذة إكرام عدنني عضوة رئيسية بالمؤسسة وأستاذة العلوم السياسية بجامعة ابن زهر بأكادير تحت عنوان "المغرب والهجرة الإفريقية غير النظامية: نحو سياسات دامجة تحول التحدي إلى فرصة". أطر هذا اللقاء الباحث السوسيولوجي عالي أوتشرفت، وشارك في مناقشة الورقة الباحث والصحافي محمد كريم بوخصاص الحاصل على درجة الدكتوراه في علوم الإعلام والتواصل من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وبحضور مجموعة من الصحفيين، ورواد المجتمع المدني والحقوقيين والمهتمين بشؤون الهجرة، من قبيل امبارك أفكوح عضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، و رشيد محضار فاعل جمعوي وحقوقي ورئيس مؤسس لجمعية الصفا التنمية والمواطنة وشؤون الهجرة، وعبد العالي مستور فاعل جمعوي ورئيس منتدى المواطنة، و حسن ضفير المنسق العام لجمعية مبادرات تكوين ومرافقة فاعلي القرب، بالإضافة إلى محمد الحسني الإدريسي، الفاعل المدني والمحامي بهيئة بالدار البيضاء.
شكل هذا اللقاء فرصة لاستعراض ورقة السياسات التي اشتغلت عليها الباحثة الرئيسية في منصات، إكرام عدنني، استنادا على نتائج البحث الذي قامت به مؤسسة منصات بخصوص آراء المواطنين المغاربة في تواجد المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء في المغرب، وما يطرحه استقرارهم من تحديات اجتماعية وثقافية وسياسية على سياسة الهجرة. وخلال مداخلتها سلطت الأستاذة إكرام الضوء على ضرورة التفكير في سياسات دامجة للمهاجرين الأفارقة الذي صار حضورهم في المغرب أمرا واقعا بما يحمله من تنوع ديني، ثقافي، واجتماعي. وانطلاقا من هذه التحديات التي أكدها البحث الميداني لمؤسسة منصات ومعطيات أخرى، كشفت المتحدثة عن تصورات متناقضة للمغاربة اتجاه هذا الحضور ما بين القبول المشروط والاستبعاد التمييزي. ومن خلال هذه الورقة، أكدت المتدخلة على أهمية لفت انتباه أصحاب القرار من أجل التفكير في سياسات دامجة تجنب المغرب تداعيات واقع فرض نفسه وبدأت بعض تمظهراته سواء الإيجابية أو الأقل إيجابية تطفو على السطح، نتيجة بعض التوترات والصدامات مع الساكنة المحلية ومع السلطات الأمنية بسبب عدم اندماج هذه الفئة المختلفة ثقافيا ودينيا داخل مجتمعنا المغربي. وفي ختام مداخلتها طرحت الأستاذة إكرام عدنني، مسألة الانفتاح على سياسات عمومية دامجة تضمن حقوق هؤلاء المهاجرين القانونية والاقتصادية والاجتماعية وتسهم في تحسين وضعيتهم الإدارية، وتسهل ظروف اندماجهم والتعايش معهم حسب ما تقتضيه المواثيق الدولية وحقوق الإنسان.
وفي سياق متصل، أشاد أستاذ الصحافة والإعلام بالمعهد العالي للصحافة والاتصال بالدار البيضاء السيد محمد كريم بوخصاص، بأهمية المقاربة السوسيولوجية التي تمت على أساسها معالجة هذه الورقة. فالحديث عن المهاجرين الأفارقة حسب المتحدث هو حديث عن فئة غير نظامية وشديدة التنظيم في ذات الوقت، رغم ما تبدو عليه تحركاتهم من عشوائية. هذا الأمر يضعنا، حسب الأستاذ بوخصاص، أمام أربع تحديات أساسية أولها سياسي مرتبط بالدولة وطرق تدبيرها لهذا الملف، وأمني مرتبط بتعامل السلطات معهم، ثم إنساني مرتبط بكيفية تدبيرهم لمعاشهم، وأخيرا حقوقي متعلق أيضا بكيفية تدبير الدولة لهذا الملف.
تعليقا على الورقة المقدمة من طرف الأستاذة إكرام، والتي انطلقت من انتقال المغرب من بلد عبور إلى بلد استقرار ومنشأ، يرى المتحدث بأن إدماج هؤلاء المهاجرين يشكل صعوبة وتحديا كبيرا أمام تدبير المغرب لهذا الملف، كونه يتعلق أولا بتحديات الحصول على الحد الأدنى من شروط العيش الكريم، ثم بمشاكل تجهيز مراكز الإيواء، وأخيرا بالمشاكل الصحية، التي يعاني منها المهاجرين غير النظاميين والمواطنين من الفئات الهشة في البلاد على حد سواء. لذلك وجب ، من وجهة نظر المتدخل، التعامل معه هذه الفئة على أساس إنساني يكفل حقوقها باعتبارهم فئة تحتاج إلى شروط العيش الكريم.
كان هذا اللقاء أيضا فرصة لتبادل الآراء والأفكار بين فاعلين جمعويين وحقوقيين، بخصوص التحديات التي يواجهها المغرب في إطار التعامل مع هؤلاء المهاجرين غير النظاميين والمنظمين جيدا. وفيما يتعلق بالجانب الإنساني الحقوقي أكد مبارك أفكوح، عضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء سطات، أنه ورغم توجه السياسة المعتمدة من طرف المغرب نحو ما هو إنساني أولا، إلا أنه وفي ظل تواجد تصورات قد تصل في بعض الأحيان على العنصرية تجاه الآخر، يجب طرح التساؤل حول أشكال التعامل مع هذه الفئة من المهاجرين، وخصوصا في ظل التطور الذي يعرفه المغرب". ومن جهته، يرى حسن ضفير، رئيس جمعية "إيفاب"، بأن العراقيل التي تواجه الجمعيات الحقوقية يحول دون مساعدتهم لهؤلاء المهاجرين غير النظاميين، كما أشار إلى ضعف سياسة تحمي حقوقهم، وأن طريقة التعامل مع هؤلاء المهاجرين المختلفين ثقافيا، هي التي يمكن أن تجعل من طرق تنظيم هذه الفئة من المهاجرين غير النظاميين مصدر غنى للمجتمع المغربي، كما أنها هي التي يمكن أن تشكل مصدر خطر غذا لم يتم استيعابهم بالشكل السليم. وفي ذات السياق أكد رشيد محضار، رئيس جمعية الصفاء للتنمية والمواطنة على ضرورة التخلص من سوء الفهم الحاصل بين الثقافات المختلفة، وضرورة العمل المشترك بين المجتمع المدني والأحزاب السياسية لتجاوز مختلف التحديات القانونية، والصحية والدينية كذلك لتسوية أوضاعهم.
وللتذكير فمؤسسة منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية مؤسسة بحثية ومنظمة غير ربحية، وفضاء علمي مفتوح لتوفير مساحة بحثية وتقديم الدراسات وتنشيط النقاشات العمومية. وتتمثل الرسالة الأساسية للمؤسسة في تطوير الأبحاث الاجتماعية، وإجراء بحوث ميدانية وتطبيق المقاربات المختلفة بخصوص الإشكاليات الاجتماعية سواء على الصعيد المحلي، الإقليمي أو الوطني وتقديم الخبرات والتحليلات الموضوعية لصناع القرار، والأكاديميين وصناع الرأي وممثلي المجتمع المدني وجميع المهتمين.