
احتضن مقر مؤسسة منصات الجمعة 26
شتنبر 2025 النسخة الرابعة من فعالية Socio
Pause الموجهة لباحثي الدكتوراه في الجامعات المغربية. وخصصت الفعالية التي
أطرها أستاذ القانون الخاص بجامعة الحسن الثاني محمد طارق، لتناول مختلف المراحل
العملية لسير أطروحة الدكتوراه، وشكلت هذه
النسخة فرصة للتبادل والنقاش النقدي حول التحديات الراهنة التي تواجه الباحثين في
مرحلة الدكتوراه، كما تميز هذا اللقاء بحضور طلبة الدكتوراه وأساتذة باحثين.
استعرض محمد طارق خلال مداخلته عددا من الإضاءات العلمية والتوجيهات المنهجية الخاصة
بمسار إعداد أطروحة الدكتوراه، مؤكدا على راهنية النقاش حول الإشكالات والتحديات
التي تواجه الطلبة الباحثين في مسارهم لإعداد أطروحاتهم البحثية في مختلف
التخصصات. في هذا السياق أكد محمد طارق على مجموعة من المرتكزات المنهجية والأخلاقية الضرورية لمواكبة التحولات التي
تعرفها المنظومة العلمية، ومن أبرزها: الانطلاق من تساؤل علمي حقيقي وأصيل قائم
على الملاحظة، والحرص على أن يكون الباحث فاعلا في إنتاج المعرفة لا مجرد ملخص أو
ناقل لها، مع ضرورة التحقق من سلامة المنهجية المعتمدة. كما ألح على أهمية التدبير
الفعال للوقت والالتزام بكتابة يومية، وممارسة القراءة النشطة، والحفاظ على تواصل
استباقي مع المشرف الأكاديمي، فضلا عن الاستثمار في بناء شبكة من العلاقات العلمية
عبر المشاركة في المؤتمرات واللقاءات الأكاديمية.
وفي سياق إشادته بمبادرة منصات باعتبارها جسرا
بين الأجيال وفضاء للنقاش، شدد الأستاذ محمد طارق على أن المسار البحثي في مرحلة
الدكتوراه ليس ثابتا ولا محكوما بمراحل جامدة، بل هو مسار ديناميكي. فالدكتوراه ليست مجرد عمل
تجميعي، بل هي إنتاج فكري
يروم تقديم أجوبة جديدة داخل الحقل العلمي. كما أشار إلى أن البحث العلمي يمثل
محركا لتطور الأمم المتقدمة. وانطلاقا من تفاعله المباشر مع طلبة الدكتوراه حول
دوافعهم، اعتبر الأستاذ أن الهدف الأساسي للباحث ينبغي أن يكون المساهمة في الطابع
التراكمي للعلم، وهو ما يستوجب تحليلا نقديا للحقل والموضوع المختار. وأكد على
الأهمية الجوهرية للصبر، والنزاهة الفكرية، والحياد، إضافة إلى الشغف بالبحث. في
هذا الاتجاه اعتبر محمد طارق أن الدكتوراه هي تجربة حياة،
ومسار أخلاقي وفكري ومنهجي.
وفي هذا الإطار بنى الأستاذ طارق مداخلته على مجموعة من المراحل الأساسية
للبحث العلمي، حيث شدد على أن البداية تكون مع اختيار الموضوع والإشكالية
المناسبة، يليها تحديد الإطار النظري والمنهجي الذي يؤطر الدراسة ويوجهها، ثم
الانتقال إلى جمع المعطيات وتنظيمها بشكل علمي دقيق. وبعد ذلك تأتي مرحلة صياغة
الأطروحة وكتابتها وفق منطق متماسك وحبكة علمية متينة، ليختتم الباحث مساره بمرحلة
المراجعة والتدقيق بما يضمن جودة العمل وصرامته الأكاديمية.
كما تميزت هذه النسخة من Socio Pause بنقاشات تفاعلية مع الباحثين الشباب حول قضايا راهنة، مثل الذكاء الاصطناعي،
حيث أوضح الأستاذ طارق أن على الباحث التعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة للتدبير
العملي، دون أن يحجب الدور الجوهري للتفكير والتحليل والاستراتيجية الإنسانية،
باعتبارها التعبير الأصيل عن الباحث. فالدكتوراه، بهذا المعنى، دعوة لتطوير قدرات
فريدة وإبداع نماذج جديدة للباحثين، بدل الاكتفاء بإعادة إنتاج النماذج القائمة.
ويذكر أن محمد طارق هو أستاذ التعليم العالي
في القانون الخاص، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، جامعة
الحسن الثاني بالدارالبيضاء، وهو خبير في التشريع حول مشروع القانون التنظيمي
المتعلق بالإضراب، ويشكل بالإضافة إلى القانون الدولي الخاص والقانون الاجتماعي
أهم انشغالاته، ونشرت له عدة أبحاث ومقالات في هذه المواضيع، كما صدر له مؤخرا كتاب: "القانون الدولي
الخاص" 2024.